الأربعاء، 13 فبراير 2013

قلعة اليازن، رغم الاهمال ما زالت تاجاً في الجنوب - Slab News

قلعة اليازن، رغم الاهمال ما زالت تاجاً في الجنوب - Slab News

 





08 شباط , 2013 00:01:05
 
تعيش قلعة العلمانية أو قلعة "اليازون" المركز الدراسي العالي في زمن بني كنعان،صراعا ما بين الاهمال المستفحل داخلها والذي قضى على جزء كبير من معالمها،وبين تاريخها التي تحاول قدر الإمكان أن تحافظ عليه،صراعا يبدو جليا على حجارتها الصماء المتبعثرة بين الأعشاب التي إجتاحتها،ونكلّت بها وغيّرت معالمها وطمست تاريخها،وإذ بها تنتقض وتصرخ الى متى يبقى الإهمال ينكل بها ومتى يحين موعد الترميم لتستعيد مكانتها وأين دائرة الاثار من الامر.
تسرق انظارك،رغم حالها المترهل خاصة تلك البحيرة الطبيعة الحارس عليها التي تشد إنتباهك ما إن تطأ أقدامك ارض علمان البلدة الصغيرة التي لا تحوي سوى قلعة" العلمانية" أو ما تبقى من القلعة.
الولوج الى داخلها كما الباحث عن كنز مفقود، كلما بحثت كلما اكتشفت اسرارا وأسرار عن قلعة اليازون، القلعة العلمو-عسكرية التي تميزت عن باقي القلاع لتزاوجها بين العلم والعسكر، وتعد من أشهر القلاع التي تسابقت الجيوش لإحتلالها، نظرا لموقعها الجغرافي على تلة جبلية عالية يجري في أسفلها نهر الليطاني وتطل على وادي الحجير، وهذه استراتيجة كبرى لحكم المنطقة يشير الباحث في علوم الاثار والانتروبولوجية موسى ياسين لافتا الى أنها" بنيت على مثلث مائي ما أعطاها مكانة إستراتيجية كبيرة، وحصانة عسكرية قوية، وفيها انفاق تصل الى بلديتي زوطر الشرقية والغربية كما تحوي على مسرب داخل الأرض يعبق منه أريج المسك والعنبر ويرجح أنه قبر يعود الى أحفاد نبي الله يعقوب.

بنيت القلعة العلمانية من الحجارة العمياء على ذوق القرون الماضية،ويعود تاريخها الى زمن الكنعانيين الى 3000 سنة،"الذي شكلوا حضارة من نوع جديد في تلك القلعة التي يخفت النبضان فيها هذه الايام،نظرها لهشاشة الاهمال المتربص بها كسرطان خبيث يريد القضاء عليها"يقول ياسين الذي يلفت الى أنها بنيت إيام "الجعدية" ابنة النبي شعيب وهي شقيقة جدعون إبن منسى إبنة يوسف الصديق،ثم اتو الصليبين ورمموها،بعدها جاء العثمانيون ومكثوا فيها حتى العام 1850 ليحتلها الفرنسيون ثم اليهود ومكثها ال الصغير وكانوا من "الباكوات" أنذاك ،ومن ثم إحتلها الإهمال والأعشاب وضاعت في غياهب البحث عمن يعيد لها المجد والمكانة ويسعى لتحريرها من الأهمال، ولكن السؤال الذي يخيم على الذاكرة هل ستستعيد القلعة ذات يوم مكانتها وتستعيد مجدها؟
تتوقف الحياة فجأة وأنت في حضرة "اليازون"، تصمت الذاكراة ويترجل الشغف عن صهوة جواده، ليدخل الى عمق القلعة ليتعرف على طياتها التي تحمل تاريخ يجهله كثر ويتوق اخرون للتعرف عليه، بحيرة طبيعة جذابة ترشدك الى العلمانية الصامتة اليوم ،تطل عليك قناطر شبه معلقة، تعود للعصر الروماني، تتزواج مع الحجارة الكنعانية فتحيك رواية تاريخ يجهل تفاصيله كثر"،وهي متلاصقة جنبا الى جنب، ثم ساحة كبيرة فقناطر متلاصقة أخرى وبمحاذاتها "عليّة"من طبقتين اولى غرف للإسطبل وثانية سكن الملك" يشير ياسين الذي يقول أن القلعة "عبارة عن قسمين، قسم خاصة بعامة الناس والمعاصر، وقسم بالملك مؤلف من طبقتين تحت الأرض مع ونفق الى الوادي الاولى للسجناء والثانية مخزن ومخبأ، وثم العلية الخاصة بالملك وهي مجموعة منازل صغيرة متلاصقة.

تتكأ" القلعة على حرش زيتون كنعاني، يعود الى أكثر من 2000 عاما وهو الفاصل ما بين قلعة الملك والمعاصر الحجرية القديمة، التي ما زالت أطلالها حاضرة وشاهدة على أهمية تلك الحقبة، والى جانب الزيتون تنتشر الحصون العسكرية ذات الطاقات الصغيرة للمراقبة والمناظرة التي تقع في معظمها على كتف الجبل الكاشف للوديان والتلال المجاورة ويبعد كل حصن ما يقارب ال500 متر عنها. 
كانت تعتبر القلعة "مدرسة للدراسات العليا في الطب والفلك وتركيب الأدوية والفقه والدين، بحيث كان الكنعانيون يستغلون زيت الزيتون في صناعة الادوية لمعالجة مرضاهم" يقول ياسين الذي يلفت الى "أنهم كانوا يعتمدون ايضا في تجارتهم على تصدير جلود الحيوانات الى مصر وبنت جبيل لصناعة الاحذية التي مازالت تحفظ بهذه الحرفة حتى هذا العصر لصناعة الاحذية الى جانب تصدير دبس الخروب والعنب والتين".

تمتاز القلعة التي تبلغ مساحتها ما يقارب الـ3000 دونم بنوعية الحجارة العمياء، والبناء العشوائي المربع الشكل والهندسة المتفانية،وهذا ما يؤكده ياسين الذي يشير الى أن "الهندسة الكنعانية كانت عشوائية ولم تتألق كثيرا على عكس الهندسة الرومانية،الذين إعتنوا كثيرا بها وطورها وتميزت عن باقي الحضارات"،واللافت في التصميم الكنعاني أنهم كانوا يقسمون قلاعهم ما بين السكن والحصون العسكرية،ويلفت ياسين الى ألكنعانيون كانوا يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وخاصة الزيتون بحيث كانوا يعتمدون على الزيت في كثير من العلاجات كما كان يوجد العنب وشجر البطم الذي هو مفيد للأمعاء ويدافع عن الاشجار ورائحته كانت تطرد الجراد‪.‬
شهدت القلعة العديد من الحروب الشرسة ومن أشهرها على الإطلاق معركة الصفرا التي شنتها إبنة النبي شعيب ضد يوشع بن النون من أجل الارث"،دمرت أكثر من مرة وأعيد بناءها،مرات عديدة،فيما الحياة زمن الكنعانيين كانت تتميز ببساطتتها وعفويتها،ومن عادات أهالي القلعة أنه إذ توفي زوج المراة فإنها تمكث في المنزل مدة أربعين يوما حليقة الرأس ويحرم عليها الزواج الا اذا كان العريس شقيق زوجها وهنا يسمح لها بالزواج.

اللافت أن كل قلاع الجنوب تعيش زمن التفلت من الحياة، تحتضر على مرأى من الدولة التي تغض الطرف عن إرث الجنوب الذي يأفل نجمه عاماً بعد أخر، ويبقى السؤال "ألا يكفي إجحافاً بحق معالم الجنوب الأثري التي تروي تاريخا من المعرفة والعلم والمعرفة؟ سؤال ربما تستحضره السنوات المقبل لتقيم مقاربة تساؤلية فيما بينها؟ فعلى من ترمي مساميرك يا قلاع لأجل الترميم؟
»  رمال جوني