الخميس، 6 أكتوبر 2011

موقع الجيش اللبناني على الإنترنت - متحف لؤي فحص في قبريخا

موقع الجيش اللبناني على الإنترنت
متحف لؤي فحص في قبريخا
تحقيق:جان دارك ابي ياغي


لغة الماضي في مجموعة من الوثائق والمستندات

يعود اهتمام لؤي فحص بالمستندات القديمة إلى أيام مقاعد الدراسة. فحبه لجمع كل ما هو قديم لا يضاهيه أي اهتمام آخر.
ترك المدرسة باكراً، وتوجه إلى العناية بجمع «تراثيات» قيّمة - باتت نادرة اليوم - لجدّه أبو كاظم مختار بلدة قبريخا الجنوبية لسنوات عدة. تعرّض المنزل مرات عدة للدمار بسبب القصف الإسرائيلي، وطمرت هذه المجموعات تحت الردم، لكن لؤي قرّر إخراج هذه الثروة إلى الضوء كظاهرة وثائقية فريدة من نوعها.
مجلة «الجيش» زارت لؤي فحص في متحفه الصغير في قبريخا - قضاء مرجعيون - وغاصت مع هذا الشاب البالغ من العمر اليوم 23 عاماً، في بحث عن وثائق ومستندات وصكوك تعود بالذاكرة إلى عقود وقرون خلت. أوراق صفراء قديمة قلّبناها مستمتعين بلغتها الفريدة، وأسلوبها الذي يتغير من مستند إلى آخر تبعاً للمرحلة التي ينتمي إليها أو السلطة التي صدر عنها.

مجموعة كبيرة من تراث الأجداد

مجموعة لؤي كبيرة وقيّمة تضم تراث الأجداد وأجدادهم: مستندات، وثائق، صور، طوابع، جوازات سفر، و«حجج» أي صكوك بيع وشراء مكتوبة بأسلوب مميز. وتضم مجموعته الوثائقية مراسلات عقارية، وسندات بيع عثمانية تحت اسم «سند خاقاني» ووكالات رسمية للائتمان على ثروات وعقارات وأراض وبيوت كلها لصالح جده أبو كاظم محمود فحص، صاحب الصول والجول مع علماء ووجهاء جبل عامل والجنوب، والذي أمضى 79 سنة في المخترة، وفي عرين الحل والربط لمشاكل جبل عامل.

ونجد في المجموعة تذكرة نفوس أيام حكومة لبنان الكبير - رقم 13159/66 لواء لبنان الجنوبي (Sandjak du liban sud)، باسم خليل فحص، مواليد 1865، نمرة السجل 17، أعطيت له عام 1925، وصكوك بيع كلها كتبت بخط جدّه وفي منزله لمعظم أهالي الجنوب، وتحمل طوابع تراثية قديمة بقيمة خمسة قروش.
ومن بين الوثائق، دفتر شهر تركي لقضاء مرجعيون يحمل كلمات: طابو سندبيك الخ... ومن طرائف مجموعة لؤي لجده أبو كاظم إيصال لأحد المواطنين كانت الحكومة آنذاك - طبعاً الحكومة التركية - تكلفه بقبض رسوم لمصلحة الخزينة. ويقول الإيصال: «نومرو 27، غب مرور تسعة شهر قمر من تاريخه أدناه لدفع في أبريخا مرجعيون لأمر الحاج خليل موسى المبلغ المرقوم أعلاه وقدره 72 ليرة. وإذا تأخرنا عن الدفع عند الاستحقاق نكون مكلفين بكل عطل وضرر مع الفائدة القانونية ومصارفات الحكومة».

وفي وثيقة تذكرة هوية عليها طابع 5.غ.ل.س أي خمسة قروش لبنانية - سورية أيام بنك سوريا ولبنان... وكانت تحمل علامات فارقة لتمييز كل شخص عن الآخر.
ومن هذه الوثائق، جواز لبناني للسفر أيام الانتداب الفرنسي، حيث تقول إحدى صفحات الجواز: تعطى جوازات السفر في لبنان من قبل الموظفين الافرنسيين الذين ينتدبهم المفوّض السامي للجمهورية الافرنسية لهذه الغاية.
ومن بين المجموعة كتاب عمره 115 سنة يضم أدعية وتراتيل دينية.

مستندات ووثائق

يقول لؤي إنه يحفظ خاتم مخترة جده في الثلاثينيات من القرن الماضي، وسندات ملكية تعود لأوائل القرن الماضي أيضاً. ومن بين المستندات والوثائق، وكالة له من شقيقة الرئيس المرحوم أحمد الأسعد بالأملاك والمحاصيل الزراعية عندها، ورسالة موجهة إلى جدّه من الإمام المغيب موسى الصدر، يدعوه فيها إلى حث الناس على المشاركة ببناء مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
إضافة إلى ذلك، تضم المجموعة، ايصالات قبض بالعملة العثمانية، ووثائق احصاءات للثروة الحيوانية في الجنوب، ودفتر احصاءات الأراضي في بداية المسح، ولوائح شطب لأول انتخابات جرت في الجنوب، كما يملك لؤي عملات قديمة، وطوابع نادرة.

وعن قيمة هذه المستندات والوثائق يقول لؤي: اضافة إلى قيمتها التراثية فهي أحياناً تحل مشاكل مستعصية، وتغني عن المحاكم والقضاء. فمنذ فترة اختلف أشخاص من مجدل سلم حول ملكية أراض تعود لآل ياسين من البلدة. وطلبوا مني التفتيش في وثائق ومستندات جدّي عن حقيقة الملكية، ووجدتها، فحلّ النزاع، وأخذ كل ذي حق حقه.
ويعد لؤي بالمزيد من نبش ذكريات الماضي حول هذه الوثائق، وخاصة عندما يتحدث عن المؤتمر الشهير في وادي الحجير لوجهاء جبل عامل مع أدهم خنجر وأعوانه لإعلان النضال والمقاومة ضد الانتداب الفرنسي. كما تبرز الوثائق، الوجه التراثي لبلدته قبريخا.

ولن يتوقف طموح لؤي عند هذا الحد، فهو إلى جانب اهتمامه بالمستندات والوثائق القديمة، سيسافر إلى البرازيل، حيث الأهل، وسيبدأ رحلة تفتيش جديدة وهذه المرة عن الجذور اللبنانية للجالية المنتشرة في البرازيل، فهذا الموضوع يعني له الكثير.
وفي نهاية اللقاء، تمنى لؤي على الجيش اللبناني حماية آثار قبريخا نظراً للتعديات الحاصلة عليها، مع العلم ان مديرية الآثار قد صنّفت نحو 137 إلى 147 عقاراً في البلدة أثرياً.

تصوير: المجند سليم العازار



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق