إسرائيل تعد لحرب ثالثة على لبنان
إسرائيل تعد لحرب ثالثة على لبنان
في الذكرى الـخامسة لحرب 2006
إسرائيل تعد لحرب ثالثة على لبنان
سليمان بشارات
إسلام أون لاين – رام الله
كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 12-7-2011 عن تحضيرات يعدها الجيش الإسرائيلي لخوض حرب ثالثة تستهدف حزب الله في الجنوب اللبناني، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تدير معركة سرية تهدف أساسا للحفاظ على قوة الردع الإسرائيلية مقابل حزب الله.
وجاء في تقرير الصحيفة الذي نشرته بمناسبة مرور خمس سنوات على الحرب الثانية على لبنان في يوليو 2006، أن الحرب الثالثة المقبلة ستكون في مناطق الأرض المفتوحة الخالية، خاصة تلك التي زرع فيها الحزب آلاف الصواريخ الموجهة إلى الأراضي المُحتلة عام 1948.
اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات، الخبير في الشأن العسكري، يرى في تصرحات خاصة بـ"إسلام أون لاين" أن إسرائيل من حيث المعدات العسكرية جاهزة لخوض أي حرب مستقبلية، لكنها حتى الآن تواجه مشكلة في استخدام هذه القدرات القتالية؛ فالجندي الإسرائيلي غير مؤهل لاستخدام هذه المعدات، نتيجة تدهور معنوياته وعدم اكتمال تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة حرب طويلة الأمد.
وقد خاضت إسرائيل حربا في يوليو 2006 مع حزب الله اللبناني على خلفية قيام الحزب بمهاجمة دورية إسرائيلية واختطاف جنديين إسرائيليين، وعلى الرغم من استخدام إسرائيل أشكالا متعددة من ترسانتها العسكرية، إلا أن الحزب استطاع أن يحقق معادلة "موازنة الردع" في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وهو ما جعل إسرائيل - منذ ذلك الوقت - تحاول أن تعيد بعضا من قوة الردع لجيشها.
الحفاظ على قوة الردع
وقالت "يديعوت أحرنوت" إن الجيش الإسرائيلي يواصل استعداداته للحرب الثالثة على لبنان وإن قيادة أركان الجيش الإسرائيلي تدرك اليوم أن حرب لبنان الثالثة ستكون مختلفة تماما عن الحرب الثانية التي وصفتها بأنها "خلقت شعورا ثقيلا بتفويت الفرصة لدى الجيش، وأحدثت زلزالا بكل ما يتصل بخطط التدريب والاستعدادات العسكرية".
وأوضحت الصحيفة أن قوات الأمن الإسرائيلية تعمل بشكل سري للغاية، لضمان حفاظ الجيش على قوة الردع أمام حزب الله ومن يقف وراءه في الحرب القادمة. كما أن الجيش شرع بتغييرات تنظيمية جديدة في صفوفه، حيث تم تعيين قائد جديد للجبهة الشمالية وهو يائير جولان الذي شدد أثناء مراسيم التعيين على أن جيشه استخلص عبرًا كثيرة من الحرب السابقة على لبنان، ويسعى للاستفادة من هذه الدروس .
ونقلت الصحيفة عن الجنرال غادي آيزنكوط، قائد الجبهة الشمالية السابق قوله :"إن الجيش قد خلق واقعا أمنيا جديدا يعتبر الأفضل والأهدأ منذ إقامة الدولة "، مشددا على أن أهم نشاط عسكري منذ نهاية الحرب كان من خلال عملية مهمة في الدراسة والتحقيق بدافع حصر النواقص التي تبينت خلال الحرب الثانية.
وقالت الصحيفة إن "الإحصائيات تعزز ما ذهب إليه آيزنكوط، مشيرة إلى أن الصواريخ العشرة التي أطلقت باتجاه إسرائيل منذ صيف 2006 أدت إلى وقوع إصابة واحدة طفيفة، إضافة إلى اشتباكين مع الجيش اللبناني، قتل في أحدها ضابط احتياط، أما من جانب حزب الله فلم يتم تسجيل أي نشاط غير عادي.
أزمة داخل حزب الله
وتشير الصحيفة في تقريرها نقلا عن مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي قوله إن "حزب الله يعاني الآن من أزمة داخلية، فالحزب منذ بداية العام الحالي 2011 منشغل بمشاكل داخلية، ولكنه لم يهمل للحظة استعداداته للمواجهة القادمة مع إسرائيل، بتوجيه إيراني وبمساعدة سورية، ولكن هذا لا يعني أن الحزب غير مستمر بالتسلح، وأنه لا يعد لجولة مقبلة مع إسرائيل".
ويوضح المصدر أن الجيش "وضع مخططات جديدة للحرب القادمة مستخلصا العبر من سابقتها، وأن الجنود يتدربون بشكل مكثف على خوض مثل تلك الحرب، ويتدربون على مواجهة المقاومين في الأراضي المفتوحة، والتعامل مع مطلقي الصواريخ".
وأضاف المصدر :"اليوم لدينا قدرة كبيرة على التعامل مع حزب الله، نحن لا ننتظر الحرب فقط، فنحن نعمل بصورة حكيمة، وهناك رسائل تصل دائما لحزب الله، ونحن معنيون بأن تصله، مشيرا إلى أن الحرب المقبلة لن تكون كسابقتها، حيث يعرف الجيش كيف يتعامل مع الحزب جيدا.
ويتابع المصدر بالقول:"لا شك في أن هناك استعدادات تتم بشكل مواز للهدوء القائم الآن، وهذه الاستعدادات لا تبشر بالخير، وستكون التحدي الماثل أمامنا. لا يمكن وقف كل شيء خلال يوم أو يومين، ويتطلب ذلك صمودا من المواطنين الذين يقعون تحت القصف، ولكن في النهاية سنتغلب عليه بطريقة لا تبقي مجالا للشك مثلما حصل في العام 2006".
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن جيش الاحتلال لديه "معلومات استخباراتية حول حزب الله أكثر من تلك التي كان يمتلكها خلال الحرب السابقة على لبنان عام 2006، وأنه يمتلك بنكا للأهداف تضم مناطق تخزين السلاح التابعة للحزب".
وبينت الصحيفة أيضا أن " الأمين العام لحزب الله يواصل تحسين نوعية الصواريخ وزيادة عددها، وأنه إذا كان لدى حزب الله 25 ألف صاروخ في العام 2006، فهو يمتلك ما يزيد على 3 أضعاف ذلك اليوم، وأن الترسانة العسكرية الموجودة بحوزته تشتمل على صواريخ بعيدة المدى وتحمل مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة".
وبحسب الصحيفة فإن الجيش يقلل من الحديث في تفاصيل الخطط العسكرية أو قدراته، إلا أن المعلومات القليلة المتوفرة تشير إلى إقامة فرقتين عسكريتين وإلى تغييرات جوهرية في الخطط الفعلية التي تلائم لبنان، حيث يجري الجيش تدريبات كثيرة على كافة الأنظمة القتالية، تشتمل على سيناريوهات مواجهات في قطاع غزة والحرب على "المحميات الطبيعية" ومواجهة مقاتلين على دراجات نارية، وإطلاق صواريخ وقذائف صاروخية، والقتال تحت الأرض".
وتمكن حزب الله والقوى الأمنية الداخلية اللبنانية خلال الفترة الماضية من اكتشاف العديد من شبكات التجسس التي تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، والتي تحاول من خلالها معرفة أدق التفاصيل عن قوة حزب الله العسكرية وخططه المقبلة.
حرب نفسية
ويعقب اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات، الخبير في الشأن العسكري، على تقرير صحيفة "يديعوت أحرنوت" بالقول :"من حيث المعدات، ما زال ميزان القوى لصالح إسرائيل، فهي الأولى على مستوى الشرق الأوسط من حيث القوة العسكرية والرابعة على مستوى العالم، وهي الدولة الوحيدة التي تمتلك الردع النووي".
ويمضي في تصريحاته الخاصة بـ"إسلام أون لاين" بالقول :"رغم القدرات العسكرية الإسرائيلية إلا أنه ما تزال لديها مشكلة في استخدام هذه القدرات القتالية، خاصة أن الجندي الإسرائيلي غير مؤهل بالشكل المطلوب حتى الآن، إلى جانب تراجع معنوياته في أعقاب الحروب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل في جنوب لبنان وغزة، كما أن الجندي الإسرائيلي اليوم مطالب بالقتال في أرض الغير بينما بيته وأسرته ليسا في مأمن من مرمى صواريخ المقاومة".
وينبه عريقات بالقول:"الجبهة الداخلية الإسرائيلية لم تكتمل بعد لمواجهة حرب طويلة الأمد، فهناك ضعف داخلي إسرائيلي، ورغم ما يتم الحديث حوله من تجهيز الجيش، لكن الكثير من الكتاب والباحثين الإسرائيليين، أشار إلى وجود فجوة داخلية".
وحول إن كان هناك جدية هذه المرة لدى إسرائيل في القيام بحرب ضد حزب الله، يقول عريقات :"الحرب في العام 2006 تركت أثرها على إسرائيل سواء على المستوى العسكري أو السياسي، لكنها في المقابل دولة تتقن فن الحرب النفسية والإعلامية، وتحاول أن تستخدمها بشكل يحقق لها نوعا من الردع مقابل العدو".
ويوضح بالقول :"التدريبات التي تتحدث عنها إسرائيل شيء والمواجهة في الميدان شيء آخر، كما أن الطرف الآخر (المقاومة) أصبح هو الآخر يمتلك العدة المتطورة والترسانة القوية من الأسلحة، إلى جانب أجهزة التتبع والاستكشاف، وبالتالي هناك تنافس في إثبات الذات بين الطرفين".
ويختتم عريقات بالقول :"إسرائيل حتى الآن مرتبكة فيما يخص تنفيذ الحرب، وهذا يشكل صعوبة على القيادات العسكرية والسياسية لاختيار الموقف بشكل صحيح، وإسرائيل تخشى الحروب اليوم، لأنها غير ضامنة للنتائج، والحرب ليست في مصلحتها، خاصة في هذا التوقيت، لذلك أعتقد أنهم سيتريثون لمعرفة الواقع العربي الجديد عقب الثورات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق