الثلاثاء، 12 يوليو 2011

القدس العربي ::: الذكرى الخامسة لانتصار المقاومة اللبنانية

2011-07-11


تمر اليوم الذكرى الخامسة للعدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان، قليلون حتماً الذين يتذكرون هذا التاريخ، والقليلون ايضاً الذين سيحتفلون به في انحاء العالم العربي بفعل حالة الانقسام الطائفي التي تسود المنطقة وتتسع دوائرها يوماً بعد يوم.
في مثل هذا اليوم، وقبل خمسة اعوام، استغلت السلطات الاسرائيلية اقدام جماعات المقاومة في جنوب لبنان على خطف جنديين اسرائيليين لارسال دباباتها وطائراتها لاقتحام الجنوب، وتدمير قراه ومدنه، ومعظم ارجاء الضاحية الجنوبية من العاصمة اللبنانية بيروت.
الاسرائيليون توقعوا ان هذا العدوان سيكون نزهة، وان المقاومة له ستكون محدودة للغاية، ولكن كم كانوا مخطئين في حساباتهم العسكرية منها قبل السياسية، فهذه الحرب لم تكن نزهة على الاطلاق، بل مقبرة للدبابات الحديثة من نوع 'ميركافا' فخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية.
'حزب الله' اللبناني بقيادة السيد حسن نصر الله، فاجأ العالم باسره، وليس الاسرائيليين فقط، بالصمود لأكثر من اربعة وثلاثين يوماً وقصف العمق الاسرائيلي بأكثر من أربعة آلاف صاروخ دفعت اكثر من مليون مستوطن يهودي الى الهرب من مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة الى مناطق آمنة في الوسط والجنوب، وللمرة الاولى منذ بدء الصراع العربي الاسرائيلي واغتصاب فلسطين.
الجيش الاسرائيلي لم يتوقع مثل هذا الصمود الاسطوري، كما ان حكومة ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينها لم تتوقع الهزيمة على يد مجموعة مقاومة، وهي التي هزمت ثلاث دول عربية دفعة واحدة في حرب عام 1967، وفرضت سلاما مهينا في حرب ثانية عام 1973، واجبرت المقاومة الفلسطينية على الرحيل في اجتياح للبنان عام 1982.
الاسرائيليون لم يتعودوا على صمود الجيوش العربية في وجه دباباتهم وطائراتهم الحديثة، فحرب عام 1967 لم تدم غير ستة ايام، وان كانت قد انتهت عمليا في الساعات الاولى من بدئها، اما حرب تشرين الاول (اكتوبر) عام 1973 فقد امتدت لحوالي عشرة ايام على الاكثر، فهذه الجيوش، ورغم ضخامة الميزانيات والاموال التي انفقت على تدريبها وتسليحها كانت هشة، وتأتمر بأمر قيادات سياسية ضعيفة الارادة، ونفسها قصير، وبعضها يخوض الحروب من اجل الذهاب الى مائدة المفاوضات وليس لتحقيق انتصارات.
حركتان صمدتا في وجه القوات الاسرائيلية، الاولى حركة المقاومة الفلسطينية وحلفاؤها من اللبنانيين الشرفاء التي صمدت لاكثر من سبعين يوما في مواجهة غزو عام 1982، وتمترست دفاعا عن بيروت، والثانية حركة المقاومة اللبنانية التي صمدت لاكثر من اربعة وثلاثين يوما في وجه العدوان الاسرائيلي قبل خمس سنوات ولم تمكن الدبابات الاسرائيلية من التقدم الا بضعة امتار في الجنوب اللبناني والحقت بها خسائر فادحة تمثلت في مقبرة الميركافا التي ما زالت شامخة في قرية مارون الرأس تسجل اول هزيمة لاسرائيل وجيشها الذي لا يهزم.
المقاومة اللبنانية لقنت اسرائيل درسا لا ينسى، ليس فقط بصمودها، واظهار قدراتها العسكرية العالية في التحرك على الارض بفاعلية واتقان تنظيمي غير معهود، وانما في تحطيم الاسطورة العسكرية الاسرائيلية، وبث الذعر والرعب في نفوس الاسرائيليين من خلال القصف الصاروخي الذي وصل الى حيفا ويافا وعكا وصفد، وكان من الممكن ان يصل الى تل ابيب نفسها، وجرى تأجيل ذلك الى جولة ثانية ربما تكون قريبة.
بالامس قال ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي ان خمسين طنا من المتفجرات ستسقط على اسرائيل يوميا في اي حرب جديدة، وما لم يقله ايضا ان آلاف الصواريخ ستقصف المدن والمستوطنات الاسرائيلية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، لانها ستكون حربا مختلفة، بل ربما تكون الحرب الاخيرة في المنطقة اذا ما اشتعل فتيلها.
'حزب الله' حقق انتصارا كبيرا ومشرفا للامتين العربية والاسلامية عندما الحق هزيمة نكراء باسرائيل ما زالت تعاني من تداعياتها حتى هذه اللحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق